مقدمة

ما هو شق الشفة و شق سقف الحلق؟

شق الشفة وشق سقف الحلق من العيوب الخلقية التي تصيب منطقة الفم والوجه لدى الجنين عندما يحدث خلل في تكوين الشفة والفم في أثناء فترة الحمل.

دكتور علي حسن القطان
بكالوريوس طب وجراحة وأمراض نساء وولادة
كلية الجراحين الملكية في إيرلندا

ماذا يعني شق الشفة وشق سقف الحلق؟

شق الشفة وشق سقف الحلق من العيوب الخلقية التي تصيب منطقة الفم والوجه لدى الجنين عندما يحدث خلل في تكوين الشفة والفم في أثناء فترة الحمل.

كيف يحدث شق الشفة؟

تتكون الشفة لدى الجنين بين الأسبوع الرابع والسابع من الحمل. ففي أثناء تكوُّن الجنين في رحم أمه، تنمو خلايا وأنسجة منطقة الرأس من جانبي الرأس باتجاه منتصف الوجه وتلتحم معًا، ويلتقي الجانبان في المنتصف لتكوين الوجه. وتكوّن هذه الخلايا والأنسجة الحية صفات الوجه والتي تشمل الفم والشفة.

يحدث شق الشفة عندما لا تلتقي الأنسجة المكوِّنة للشفة بشكل كامل قبل الولادة، وينتج عن ذلك شق في الشفة العلوية، وقد يكون هذا الشق شقًّا طوليًا صغيرًا في الشفة أو شقًّا كبيرًا يمتد من الشفة إلى الأنف. وقد يحدث شق الشفة في جانب واحد من الشفة (أحادية) أو في الجانبين معًا (ثنائية الشق)، كما قد يحدث في منتصف الشفة ولكن تعتبر هذه الحالة نادرة جدًا. ومن الجدير بالذكر أن الأطفال الذين يعانون من شق الشفة قد يعانون أيضًا من شق سقف الحلق.

كيف يحدث شق سقف الحلق

يتكوَّن سقف الحلق بين الأسبوع السادس والأسبوع التاسع من الولادة، عندما تلتقي الخلايا والأنسجة المكوِّنة للحلق في المنتصف مكوِّنة سقف الحلق من الداخل.

وعندما لا تلتقي الخلايا والأنسجة المكونة للحلق في المنتصف بشكل كامل في فترة الحمل، يحدث شق سقف الحلق. وقد يحدث الشق في الجزء الأمامي والجزء الخلفي من الحلق في بعض الحالات، أو يحدث في جزء واحد من الحلق في بعض الحالات الأخرى.

المشاكل المصاحبة:

الأطفال الذين يعانون من شق الشفة وشق سقف الحلق، أحدهما أو كليهما، قد يعانون أيضًا من مشاكل في الرضاعة والتغذية والتحدث وأيضًا من مشاكل الأسنان ومشاكل التهابات الأذن، مما يسبب مشاكل في السمع لديهم.

عدد الحالات المصابة:

تشير الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن حوالي 1 من كل 1600 مولود يولد بشق الشفة وشق سقف الحلق، وحوالي 1 من كل 2800 مولود يولد بشق شفة دون شق سقف الحلق، وحوالي 1 من كل 1700 مولود يولد بشق سقف الحلق.

الأسباب والعوامل التي تزيد من حدوث شق الشفة وشق سقف الحلق:

تحدث حالات شق الشفة وشق سقف الحلق نتيجة لاختلال الجينات والأمراض الوراثية، أو نتيجة للعوامل التي تتعرض لها الأم في أثناء فترة الحمل، أو كلتيهما؛ فقد وُجد أن هناك متلازمات وأمراضًا وراثية تؤدي إلى حدوث شق الشفة وشق سقف الحلق. وهناك العديد من العوامل التي تزيد نسبة حدوث شق الشفة وشق سقف الحلق، نذكر منها:

  1. التدخين: وجدت الدراسات أن التدخين في أثناء فترة الحمل يزيد من خطر الإصابة بعيوب الوجه الخلقية والتي تشمل شق الشفة وسقف الحلق.
  2. داء السكري: وجدت الدراسات أن الأمهات الحوامل اللاتي يعانين من داء السكري لديهن احتمالية أكبر لإنجاب مواليد لديهم شق الشفة مع شق سقف الحلق أو دونه.
  3. استخدام بعض الأدوية: يزيد استخدام الحوامل لأدوية مرض الصرع في أثناء الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل خطر حدوث شق الشفة وشق سقف الحلق لدى المواليد.
  4. السمنة في أثناء الحمل: هناك أدلة تشير إلى أن الأطفال المولودين لأمهات يعانين من السمنة لديهم نسبة أكبر للحصول على شق الشفة وشق سقف الحلق.
  5. المتلازمات والأمراض الوراثية: هناك أكثر من متلازمة ومرض وراثي يؤدي إلى حدوث شق الشفة أو سقف الحلق، ومنها متلازمة دي جورج، وستيكلر، وفان دير وودي، وبيير روبن.
  6. التاريخ العائلي: الوالدان اللذان لديهما تاريخ عائلي لشق الشفة أو شق سقف الحلق لديهما احتمالية أكبر لإنجاب مواليد يعانون من شق الشفة أو شق سقف الحلق.

التشخيص:

يتم تشخيص حالات شق الشفة وشق سقف الحلق بمعاينة وجه الطفل بعد الولادة دون الحاجة إلى الفحوصات التشخيصية. ولكن مع التقدم التكنولوجي في المجال الطبي، يتم تشخيص هذه الحالات في أثناء فترة الحمل وقبل مرحلة الولادة، وذلك عن طريق عمل السونار في أثناء فترة الحمل، حيث يمكن تشخيص شق الشفة باستخدام السونار من بداية الأسبوع الثالث عشر من الحمل. وإليكم الطريقة:

يستخدم جهاز السونار الموجات فوق الصوتية لتكوين صور عن الجنين وأجزائه في بطن الأم. وبمعاينة هذه الصور، يمكن للطبيب تحديد وجود شق الشفة أو شق سقف الحلق أو كليهما معًا، ولكن يعتبر تشخيص شق سقف الحلق صعبًا بهذه الطريقة إذا لم يكن مصاحبًا لشق الشفة الذي يكون أكثر وضوحًا في صور السونار.

في حالة وجود شق الشفة وشق سقف الحلق، يقوم الطبيب بسحب عينة من السائل المشيمي المحيط بالجنين ليتم تحليله وفحصه مخبريًا للتحقق من أن السبب في هذه العيوب الخلقية هو مرض وراثي، ولكن في معظم الحالات يكون سبب شق الشفة وشق سقف الحلق مجهولاً وغير معلوم.

العلاج:

يهدف علاج شق الشفة وشق سقف الحلق إلى تحسين قدرة الطفل على الأكل والتحدث والسماع بشكل جيد، والحصول على تعابير وجه طبيعية.

يتطلب علاج حالات شق الشفة وشق سقف الحلق فريقًا طبيًا متكاملاً من الأطباء والأخصائيين من مختلف التخصصات، مثل: جراحي الأنف والأذن والحنجرة، وجراحي التجميل، وأطباء الأنف والأذن والحنجرة، وأطباء الأطفال، وأطباء أسنان الأطفال، وأطباء تقويم الأسنان، والممرضين، وأخصائيي النطق والسمع، وأطباء الوراثة، والأخصائيين النفسيين.

يتمثل العلاج في إجراء عمليات جراحية لعلاج الشق وإصلاح منطقة الشفة وسقف الحلق، وتتبعها عمليات أخرى لتعديل مظهر الأنف والفم وتحسين الكلام، ومعالجة باقي المضاعفات المصاحبة لشق الشفة وشق سقف الحلق.

تجرى العمليات الجراحية للطفل بالترتيب التالي:

  1. عملية إصلاح شق الشفة: تجرى في العمر بين 3 أشهر و6 أشهر. ويقوم فيها الجراح بإغلاق الشق الموجود في الشفة، عن طريق عمل جرحين في جانبي الشق لعمل وصلة من الأنسجة يتم وصلها وخياطتها لتصل إلى جانبي الشق، وبهذا يغلق الفراغ الموجود في الشق.
  2. عملية إصلاح شق سقف الحلق: تجرى قبل عمر 12 شهرًا أو أقل. ويقوم فيها الجراح بإغلاق شق سقف الحلق بعدة طرق جراحية معقدة تتم فيها إعادة ترتيب وبناء سقف الحلق لإغلاق الشق الموجود في سقف الحلق.
  3. العمليات الجراحية للمتابعة وإصلاح المضاعفات: تجرى بين عمر سنتين وقبل عمر عشرين عامًا، ويتم فيها تحسين المظهر الخارجي للفم والشفة والأنف. كما يمكن عمل عملية جراحية لقناة الأذن بوضع أنبوب صغير في قناة الأذن لمنع تجمع السوائل في قناة الأذن، وبهذا يتم تقليل نسبة الإصابة بالتهابات الأذن المتكررة.

علاج المضاعفات:

تتوفر طرق أخرى لمعالجة المضاعفات والمشاكل المصاحبة لشق الشفة وشق سقف الحلق، منها:

  • استخدام رضاعات خاصة وأدوات طعام خاصة لمعالجة المشاكل المتعلقة بالرضاعة والتغذية.
  • مراجعة أخصائيي النطق لمتابعة حالة النطق لدى الطفل وتحسينها.
  • عمل تقويم للأسنان ولعضلة الفك ومراجعة طبيب تقويم الأسنان للمتابعة.
  • المراجعة الدورية لطبيب أسنان الأطفال لمتابعة حالة أسنان الطفل ونموها ومتابعة صحة الفم بشكل عام.
  • متابعة وعلاج حالات التهاب الأذن بمراجعة طبيب أنف وأذن وحنجرة، وعمل عملية جراحية لقناة الأذن إن استدعت الحاجة.
  • استخدام سماعات الأذن وغيرها من الوسائل السمعية للأطفال الذين يعانون من مشاكل في السمع.
  • الاهتمام بالحالة النفسية للطفل عن طريق مراجعة الأخصائي النفسي للتعامل مع الضغوطات والمشاكل النفسية للطفل.

الدعم المعنوي للوالدين وللطفل:

يمثل خبر وجود بعض العيوب الخلقية لدى الطفل أو الجنين خبرًا حزينًا وصادمًا للأبوين وللأسرة، وهذا شعور طبيعي في هذه الحالات، ولكن يجب على الوالدين التعامل مع هذا الموقف بما يساعد طفلهما ويدعمه ليتخطى هذه المرحلة، وبالفعل أصبح بالإمكان تخطيها والتمتع بحياة طبيعية سعيدة. وإليكم بعض النصائح:

للوالدين والأسرة:

  • لا تلم نفسك، فلست أنت السبب فيما حصل لطفلك، فهناك أسباب عديدة لحصول هذه الحالات، ولكنها لا تقع على عاتق الوالدين. فقط ركز على قوتك وعلى مساعدة ودعمك طفلك.
  • من الطبيعي الشعور بالحزن والاستياء، ولكن من الضروري الثقة بالله سبحانه وتعالى والتوكل عليه، فهذا يعين الوالدين على مواجهة الموقف، ودعاء الوالدين بالشفاء للطفل كفيل بالشعور بالطمأنينة.
  • تعرف على مصادر الدعم والأشخاص المختصين بالتعامل مع حالات شق الشفة وشق سقف الحلق للحصول على الدعم المعنوي والنفسي، وللحصول على الطرق الصحيحة التي يجب اتباعها.

للطفل:

يمكن للوالدين مساعدة طفلهما بطرق عديدة منها:

  1. التركيز على الطفل كشخص كامل بصحة جيدة، وعدم التركيز على شق الشفة أو شق سقف الحلق، واعتبارها حالة سيتم إن شاء الله علاجها.
  2. التركيز على الجوانب الإيجابية الأخرى في الطفل سواء كانت جسمانية أو سلوكية، لكي لا يشعر بالنقص والاختلاف عن الغير.
  3. العمل على أن يشعر الطفل بالثقة بالنفس، وألا يشعر باختلاف بينه وبين الأطفال الآخرين.

روابط مفيدة

َنْزيل ملفات إضافية
Treatment focused

Dedicated team

No items found.